تقنيات غسل الادمغة التي يطبقونها عليكم الان (2)

  •       بقلم : د/ غادة عامر

    عرضت المقال الماضي بعض الاساليب التي تطبق لغسل أدمغتنا،لتوجيهنا الي مسارات و توجهات و خيارات و مشاعرمختلفة، لاسباب ممكن ان تكون سياسية او تجارية او للسيطره او لفرض فكر معين أولاي اهداف اخري ، فالحرب الان ليست حروب بالمدافع و الدانات، لقد بات معروف لدي الكثير من الدول العظمي انك لو سيطرت علي العقول في اي دوله سوف تأتي الارض و الخيرات طواعيه و بدون اي خسائر. و حقيقي لم تعد محاولات السيطرة علي العقول ترفًا فى الدول الكبرى، فباتت كل دولة تبذل قصارى جهدها لانشاء مؤسسات و منظمات معلنه و غير معلنهلبث المعلومات بالطريقة التي تؤثر علي المجتمع بهدف اما السيطره علي دولة، أو لالحاق أبلغ الأضرار بأمنها القومى دون ان تخسر جندي واحد ، وليس بالغريب عن الساحة أن الفترة الأخيرة شهدت دولاً وأنظمة لم تُسقطها رصاصة أو دانة مدفع، وإنما فقط بـقناة تليفزيونية. لذا لم يعد من الغريب أن تهتم كل الدولة الكبرى بأن يكون لهاقناة تليفزيونية، أو ما يناظرها، تنطق بلسانها وتصوغ الأحداث بالشكل الملائم لها؛ فتعيد صياغة الأخبار أو تكذب الحقائق و تبث الإشاعات أو تعمل على تصدير معلومات مهمة لصالحها؛ سعيًا للفوز بسباق السيطرة على العقول، وهو ميدان عالمى يتنافس فيه الجميع بلا نهاية!

    لقد لفتت نظري العباره الواردة في ديباجة الميثاق التأسيسي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبني حصون السلام" ، هذة عبارة تحمل الكثير من فلسفة بناء العقول او توجيهها او السيطره عليها سواء ايجابيا او سلبيا حسب اهداف من يخطط للسيطرة. و عموما سوف أكمل الاساليب التي تطبق علينا و التي يمكن ان تغسل ادمغتنا او تقتل الابداع داخلنا و تشوه معتقداتنا بل و للاسف تجعلنا جنودا في جيش عدونا، و للقارئ حرية التصديق او الانكار.

    من الوسائل القويه للسيطره علي العقول ،التحكم في ما تشاهده وتقرأ، و هذا اصبح سهل باستخدام الانترنت و المنصات الاجتماعية و بعض وسائل الاعلام المرئية و المقروءه. مثلا ان تستسلم لقناة تلفزيونيه معينه، تبدو انها تنشر أخبار عن الوطن لصالح المواطن، و تبدو انها تنتقد اوضاع معينه و تعمل افلام وثائقية مموله باموال مهلوله لتدليس الحقائق او لخلق تاريخ وهمي، أو لخلق ابطال و أحداث وهمية،  بل و تجدها تستضيف اناس كأنهم الخبراء و تعطي لهم الالقاب الكبيره، و للاسف لا يقوم أحد، بل و لا يريد أحد ان يبذل مجهود بسيط للتحقق من المعلومات او الشخصيات او حتي أهداف ما يبث، ليس بعمد و انما لاننا تعودنا ان لا نقرأ و ان نستقي معلوماتنا من الاخر علي الجاهز (حتي في أمور ديننا، نحن نسمع و لا نبحث و لا نقرأ ) ، بالرغم ان هذا اول أمر امرنا به "أقرأ" ، لقد كان الامر الالهي الذي لا يعيه الكثير مننا هو المقتاح الحقيقي لقوه العقل البشري و لقوه اي أمه.  في السابق كنا ندفع الاموال و احيانا كثيره نذهب لاماكن بعيده لاختيار ما نقرا من محلات الصحف و المكتبات ، و بعدها اصبحت القنوات الفضائية بمختلف توجهاتها في كل بيت و علي مدار 24 ساعة ، ثم جائت ثورت الانترنت التي خلق الاكوان و العوالم الافتراضية التي اخترقت ليس بيوتنا انما عقولنا. و بالتأكيد لكل منهم  موضوعه المفضل الذي يناقشة مثلا يناقش موضوع عن مدي فساد الدوله او المنطقة المستهدفة، او كيف ان الحال مستحيل ان يستقر في تلك الدوله، لتبث روح الاحباط و القنوط في عقول ابناء تلك الدوله.  و بالتأكيد قد لاحظت ولو مره من المرات ان بعض القنوات تقوم بمزج كروت التعامل مع الدول، من خلال توجيه دفة شاشتها على مشاكل دولٍ ما أو إغماض عينها وقت اللزوم عن نفس المشكلات فى دولة أخرى.

    في أواخر القرن الثامن عشر قال المؤرخ و الصحفي الالماني "كل من لا يقرأ الصحف اطلاقا فهو احمق،‏ وأشد منه حماقة من يصدِّق ما يقرأه لمجرد وروده في الصحيفة" فاذا كان من السذاجة ان يثق المرء ثقة عمياء بأقوال الصحف منذ اكثر من ٢٠٠ سنة،‏ فالامر نفسه ينطبق على اشياء كثيرة نجدها على الانترنت في القرن الحادي والعشرين.

    لذا،‏ على المرء ان ينتقي بحذر شديد ما يقرأه،‏ وخصوصا اذا كان من الذين يستخدمون الانترنت ممن لم يتعودوا علي البحث و القراءه.‏ فبعض هؤلاء يظنون ان اي تقرير او خبر،‏ ولو كان غريبا ومثيرا،‏ هو صحيح لمجرد انهم قرأوه على الانترنت او تسلَّموه بالوسائل التواصل الاجتماعي من صديق يثقون به لكن لا يعرفون مصدر معلوماته.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن