لماذا "هبدأ بنفسي" و لماذا الوادي الجديد؟

  •        بقلم :  د/ غادة عامر

    انتهيت مؤخرا من فعاليات مبادرة "هبدأ بنفسي" و التي بدأت اولي فعالياتها في مدينة الخارجة محافظة الوادي الجديد،  بورش عمل لصقل مهارات أصحاب المشاريع الصغيرة و متناهية الصغر، و كذلك عمل جولات للتعرف علي المصانع و الورش و الجمعيات الاهلية و الحرف اليدوية و التراثية الموجوده في المدينة ، بهدف دعمها بكل السبل المتاحة و ذلك لدعم نمو الإقتصادالمصري عامة و الوادي الجديد خاصة. و حقيقي كانت تجربة مميزة بكل المقاييس ، اختلطت فيها مشاعر الفرحة و الحزن مع الحسرة، كيف ذلك ؟ دعوني اشرح اولا لماذا "هبدأ بنفسي " و بعد ذلك اشرح ما سبب المشاعر المختلطة التي ممررت بها اثناء الزياره . إن من أخطر الكوارث التي يمر بها مجتمعنا العربي عامة و المصري خاصة، هي أزمة إهمالتنمية الذات وتطويرها، فتجد غالبية أفراد المجتمع  ينتظرون أن يأتي التغيير والإصلاح من غيرهم، من حكومة قوية، من رجل غني ، من حاكم قوي، او من رجل مخلص ، أو من دولة أجنبية ، من اي شخص  الا هم!!!!

    وبالتالي فهم يقنعون أنفسهم بانهم غير مطالبين ببذل أي جهد لتغيير أنفسهم و وضعهم ، و أن سبب ازمتهم ان الحكومة الفلانية او الجهة الفلانية او الوضع الفلاني هو سبب التعاسة و الفقر الذي يعيشون فية، متناسين أن أساس أي إصلاح أو تغيير حقيقي يجب أن يبدأ من الداخل. فقد حثت جميع الاديان علي الارتقاء بالنفس و تغيرها دائما للافضل حتي تنصلح من الداخل فينصلح لها الخارج ، فمثلا أكد الدين الاسلامي بأن تزكية النفوس والارتقاء الفكري والأخلاقي بها هو أساس أي نهضة؛ والقاعدة الربانية تقول: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}

    لذلك قررنا عمل المبادرة لكي ننشر هذة القاعدة لدعم ريادة الاعمال التكنولوجية و الابتكار الوطني، و كذلك نحث جميع أفراد المجتمع كله علي اهمية مواجهة تحديات النفس من كسل و سلبية و لوم و احباط ، قبل ان نلوم  التحديات المحيطة بنا، و قبل ان نطلب تغيرها، و ذلك بإعطائهم الادوات الاساسية للبدأ في تغير انفسهم و التفكير بشكل ايجابي و نشر ثقافة العمل الحر و ريادة الاعمال القائمة علي الابتكار. من خلال ورش عمل تدريبية و عن طريقالإستماع للتحديات التي يواجهه المجتمع الذي تعقد فيه الورشة و ايضا الاستماع لأصحاب الافكار الابتكارية و المشاريع المتناهية الصغر و الصغيرة ، لمعرفة نقاط الضعف لديهم، وتقديم التدريب و النصح والارشاد اللازم لهم ، والذي سيساعدهم في التغلب على تحدياتهم و تغير حياتهم عن طريق انشاء شركات من افكارهم و تحافظ علي هويتهم و تراثهم.و كذلك عمل زيارات للورش الصناعية و المراكز الحرفية و التعرف علي التحديات التي تواجههم لمحاولة مساعدتهم بتوصيل هذة التحديات للجهات المسؤولة او عن طريق ايجاد حل علمي و قابل للتطبيق لهم، هذه ببساطة فكرة مبادرة "هبدأ بنفسي".

    أما عن المشاعر المختلطة التي مريت بها اثناء اطلاق المبادرة في الوادي الجديد، فكان فرحي بسبب أنني تفاجئت بكم الوعي الثقافي و التعلمي الذي يمتلكة سكان هذة المحافظة ، و كيف ان السيدات و الفتيات مثقفات و قياديات يعتمد عليهن، و كيف ان وطني يمتلك ارض بها ثروات كثيرة و متنوعة ، من مساحات شاسعة و أماكن سياحية مليئة بالاثار التي يمكن ان تصنع اقتصاد ثلاث أو اربع دول ، و من كم اشجار النخيل الذي يتجاوز المليون و سبعمائة نخلة، و كم الصناعات التي ممكن ان تقام من التمر و مخلفات النخيل، فرحت لما سمعت أفكار الشباب و السيدات و الرجال  الابتكارية التي لو تم تنفيذها ممكن ان تفيد ليس محافظة الوادي الجديد فقط و انما محافظات عديدة في مصر، و ايضا كانت فرحتي عارمة و انا اري السيدات و الفتيات في المراكز الحرفية تحافظ علي التراث و تعمل السجاد و الملابس و منتجات من الخوص و الحلي من نواة التمر بشكل فني رائع يضاهي ارقي المنتجات العالمية التراثية، فرحت لاني وجدت اذاعات و محطات تلفزيونية متحضرة تقدم برامج تثقيفية و توعوية و تربوية بشكل جذاب و المجتمع جميعه في الوادي الجديد ملتف حولها يسمع لها و تسمع له و كانهم أسرة واحدة كبيرة!

    أما مشاعر الحزن فكانت بسبب أنني لم أعرف الكثير عن هذة المحافظة من قبل، و هذا لانه المعلومات عن هذة المحافظة علي الشبكات العنكبوتية او التواصل الاجتماعي قليلة بل تكاد تكون معدومه، و لان لا احد يتكلم عن مشاريع قومية او استثمارية هناك، و لان الاعلام لا يتحدث عنها الا في اخبار الحوادث!!!

    اما حسرتي فكانت انني اري هذة المحافظة التي تتجاوز مساحتها 45% من مساحة مصر غير مستغلة ، بل و عذرا و مهمشة ، و ان هناك مصانع لم تجدد منذ أن قرر الرئيس الراحل عبدالناصر انشائها عام 1963 كمصنع و مجمع التمور في الوادي الجديد الذي مازال بحالة ممتازة بسبب جهود العاملين علية، و ان هذة المحافظة المهمة و الغنية باثارها و معادنها و شبابها و ثرواتها لا يعمل عنها الا اهلها ، و ان تمورها الغنية بالمعادن و الفيتامينات و التي تعد من اجود انواع التمور لا تجد اسواق لها، و ان اخر رئيس زار هذة المحافظة كان الرئيس جمال عبدالناصر في ستينيات القرن الماضي اي قبل 55 عاما!!!!!!

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن