لاوتسو

  •  

    بقلم : د. ياسر بهاء 

    "راقب أفكارك لأنها ستصبح كلمات، وراقب كلماتك لأنها ستصبح أفعالا، وراقب أفعالك لأنها ستتحول إلى عادات، وراقب عاداتك لأنها ستكون شخصيتك، وراقب شخصيتك لأنها ستحدد مصيرك" تعتبر هذه المقولة من أشهر ما قال الفيلسوف الصيني "لاوتسو" والتي أعتبرها شخصياً من أروع ما كُتب في مجال التطوير الذاتي وعلم النفس الإيجابي وذلك لإيماني الراسخ بأن كل ما يحدث لنا ينبع أساساً مما تحمله أفكارنا من معتقدات وتوقعات ومعايير لكل ما نتحكم به ويتحكم بنا في عالمنا الخاص وأيضاً الخارجي.

    فلنجعل هذا المقال توضيحا لبعض النقاط التي قد أصبحت محل جدل مؤخراً في عدة مواقف تعرضت لها شخصياً والتي تثبت مدى صعوبة تقبل أن الأفكار هي المحرك الرئيسي لكل ما نحن عليه وما سنصبح عليه فيما بعد عن طريق النقاط التالية:

    طريقة جديدة للتفكير

    بكل بساطة إن كان وضعك المالي والعاطفي والصحي والأسري والاجتماعي ليس على المستوى المطلوب فكُن على يقين أنك تحتاج أن تقوم بأفعال تختلف عما قمت به في الماضي ولن تكون هناك أفعال جديدة حتى تسبقها أفكار جديدة تدفعك بقوة للإتيان بأفعال لم تكن في مجال التنفيذ سابقاً إما لعدم التفكير بها مطلقاً أو عدم الإيمان بفعاليتها.

    كن مجنوناً

    أحياناً تكون التصرفات غير الروتينية هي ما يجب فعله للخروج من نطاق ما اعتدنا عليه إلى نطاق التجربة والخطأ فممارسة رياضة جديدة أو قراءة قصص خيال علمي أو القيام برحلة سفاري أو نزول البحر شتاء أو تعلم اللعب على أداة موسيقية جديدة أو ممارسة بعض الألعاب الطفولية مع من هم دون سن الثانية عشرة أو غيرها من الأفعال التي تخرج بنا من منطقة الراحة إلى منطقة الاستمتاع الحقيقي فكثيراً ما يندم من هم في سرير الموت على ما لم يفعلوه أكثر من ندمهم على ما فعلوه.

    لا شيء بالصدفة

    علينا الإيمان بأن كل شيء حدث أو يحدث أو سيحدث لابد وأن يكون له سبب والشيء الإيجابي أننا يمكننا السعي وراء تلك الأسباب والعمل على إيجادها فمن أراد السعادة أو الثراء أو الرضا أو التسامح أو الراحة النفسية أو التقرب إلى الله أو علاقات اجتماعية أفضل أو غيرها من التغيرات الإيجابية في الحياة ما عليه سوى البحث عن كيفية الحصول عليها وما أكثر مصادر تلك المعلومات وكيفية تطبيقها وتفاصيل غير محدودة تأخذ بيد كل من يريد ذلك التغيير والتطوير وبالتالي فإن لكل نتيجة سبب ولكل فعل نتيجة.

    أنت المسئول

    إن لم تؤمن بأنك المسئول عن كل ما أنت عليه اليوم وتعتقد أن ما حولك من ظروف وأفراد هم المسئولون عما أنت فيه فلا تتوقع إحراز أي تقدم في حياتك حيث إن إلقاء المسئولية على الغير يتبعها انتظار الحلول من الغير أيضاً ولكن تحملك مسئولية ما أنت عليه الآن يدفعك إلى التفكير في تغيير ما يمكن وأيضاً ما لا يمكن تغييره فكما يقول العديد من الباحثين أن ما يحدث لنا ما هو إلا نتاج 10% مما يحدث لنا و90% استجابتنا لما يحدث لنا وهنا يكمن الفارق بين من يصل إلى قمم النجاح ومن يعاني في غيابات الجُب.

    رأي الناس

    لا تجعل رأي الناس يقرر من أنت فما تعتقده عن نفسك هو ما سيُشكل مستقبلك فلن تجد أبداً من يؤمن بأنه فاشل نتيجة رأي الآخرين فيه ويصبح في يوم من الأيام ممن يُشار إليهم بالبنان نتيجة ما حققه في حياته إلا إذا آمن بأن رأي الناس فيه ما هو إلا تصورهم الشخصي فكثير ممن أحدثوا فارقا في حياة البشرية كانوا محل سخرية ممن حولهم في بداية طريقهم للتغيير فما كنا سنحيا على وجه الأرض لولا إيمان نبي الله نوح بما يفعله بالرغم من سخرية من حوله وقت بناء سفينته في الصحراء.

    كما تُدين تٌدان.

    لا تجعل رغبتك في التقدم سبباً في التخلي عن قيمك ومبادئك وظلم الغير فإذا ما حدث ذلك فاعلم أن النهاية المحتومة لن تكن لك محسومة بل ستكون لك بالفشل والخسارة مقسومة. وكما قال Zig Ziglar أن من يريد النجاح عليه مساعدة الكثير من الناس أن يصبحوا ناجحين وبالتالي كلما ساعدت من حولك وقدمت خدماتك بغرض إفادة الناس ومرضاة الله فاعلم أنك ستجني ما زرعت إن آجلاً أو عاجلاً.

    وأخيراً أنت من تصنع حياتك بعد الاستعانة بالله؛ فاعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً واجعل الله دائماً نُصب عينيك حتى تفوز بنعيمي الدنيا والآخرة.

    دُمتم في رعاية الله وأمنه.        

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن