" الابداع "... مستقبل الجامعات

  •        بقلم : فريد شوقى

    يشهد العالم تطورًا كبيرًا في مجالات المعرفة كافة، وبات البحث العلمى يتخذ موقعًا ومؤثرًا في المجالات جميعها؛ فهو الوسيلة لتوليد المعرفة، وتحديثها، وتسخيرها في إنتاج السلع والخدمات التي تكفل الراحة والرفاهية للإنسان والقوة والنفوذ للأُمة. ولا يقوم البحث العلمي ولا يتقدم من غير أن تتوافر له الحرية فى التفكير الابداعى ، والدعم، والتمويل، والمرافق البحثية من مراكز ، وأدوات، وكوادر بشرية، وحوافز مادية، وتشريعات منظمة أو بمعنى أخر إرساء منظومة متكاملة لتحفيز روح الابتكار و تضمن تحقق نتائج علمية تعود بالخير والرفاه على المجتمعات التي أنتجتها.

    وخلال الاسيوع الماضى اتيحيت لى الفرصة للمشاركة فى أحدى الفاعليات الجامعية ، مبادرة "الابداع  ..طريقك للنجاح " والتى تنظمها جريدة " عالم رقمى " على مدار ال 12 عاما الماضية بالتعاون مع شركاءها من الجامعات والجهات المعنية بالتنمية التكنولوجية ، والتى تؤكد التوجه الجديد من جانب قيادات الجامعات لتعزيز ثقافة الابداع التكنولوجى وتنمية القدرات الابتكارية للطلاب من كافة التخصصات بكليات الجامعة ، وليس الاقتصار على الكليات العملية فقط ، حيث اكد المشاركون على ضرورة أن يتم تدريس منهج متخصص فى مجال تكنولوحيا المعلومات لطلاب الصف الاول فى كافة الكليات النظرية فى خطوة تستهدف تدريب وتاهيل الطلاب فى مجال التكنولوجيا وتنمية قدراتهم التقنية من خلال برنامج يمتد لنحو 12 اسبوع بواقع 3 ساعات فى الفصل الدراسى من خلال ورشة عمل للتدريب وساعتين فى معمل الكمبيوتر.

    وبالطبع فان هذه المبادرة تعتبر قفزة نوعية متميزة فى تعزيز القدرات التكنولوجية للطلاب خاصة مع بدايتهم لمرحلة التعليم الجامعى ،وليس الانتظار لحين الانتهاء الطالب من مرحلة التعليم الجامعى ، مما يشكل فرص جيدة للطلاب لتعظيم الاستفادة التكنولوجيا فى تطوير مهاراتهم باستخدام التقنيات الحديثة وتوظيفها فى ابتكار حلول جديدة تساعدهم على تحسين الخدمات التى يمكنهم تقديمها سواء فى مجال العلاج والرعاية الصحية والتعليم او اعداد المحتوى بكافة انواعه " السياحى والترفيهى والتاريخى ، والتسويق الالكترونى  .

    وهنا نود الإشارة إلى منذ 6 سنوات تقريبا كشفت جامعة القاهرة بالدخول فى شراكة مع صندوق تنمية العلوم والتكنولوجيا بهدف إنشاء أول مركز للنانو تكنولوجى ، باستثمارات مالية قدرها 150 مليون جينه ، بحيث يتخصص هذا المركز فى اجراء بحوث عملية حول كيفية الاستفادة من تقنيات النانوتكنولوجى لتوفير حلول ابتكارية لتوليد الطاقة البديلة وتحلية المياه الأمر نرى أنه بمثابة نواة نأمل أن تنتقل إلى جميع جامعاتنا الحكومية .

    ومن خلال استقراء إمكانيات جامعاتنا وما لديها من موارد بشرية فأنه يجب الإشارة إلى أن الاتجاه العالمي لرسالة الجامعات اليوم يتمحور حول الخروج من نطاق التركيز على حفظ المعرفة ونشرها عن طريق التدريس والبحوث الأكاديمية إلى مجال أرحب يتيح للبحث العلمي الجامعي المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتطوير الصناعي ودفع عجلة النمو والتقدم الاقتصادي في المجتمع إلى الأمام.

    وفى اعتقادى انه بات من الضرورى أن تسعى كل جامعة لانشاء مركز متخصص للبحث العلمى فهذا للالكترونيات الدقيقة وهذا للتكنولوجيا التطبيقية فى مجال الزراعة والصحة وأخر لابتكار حلول للمؤسسات الصناعية على أن يتواكب زيادة اهتمام الجامعات باستثمار نتائج البحوث الأكاديمية والتطبيقية وتطويعها لحل مشاكل المجتمع والارتقاء بالمستوى الخدمي، اذ يلاحظ افتقار غالبية الجامعات لمراكز التحويل " Centers of Transfer" ، وهي معامل متخصصة لتحويل نتائج الأبحاث العلمية إلى منتج أولي "  Prototype " قابل للتسويق قبل مرحلة الإنتاج التجاري. وأخيراً عدم الاهتمام بالجانب التسويقي والتوعية المجتمعية "  Public Awareness " بأنشطة ومخرجات المؤسسات البحثية الجامعية وقدرتها على حل مشكلات المجتمع عن طريق البحث والتطوير. 

    ومن المهم ان نشير الى أهمية قيام الجامعات بدور ملموس فى اكتشاف الأفكار الجديدة ، لدى طلابها والباحثين بها ، القادرة على توفير حلول تكنولوجية ابتكارية لمشاكلنا وعلى الجميع المشاركة فى إيجاد هذه الحلول لأننا جميعا نعيش على كوكب واحد والجميع يواجه نفس التحدى وعليه المشاركة بفاعلية دون انتظار ما يقوم به الاخرون اذ لا نبالغ اذا قلنا ان مستقبل اى جامعة ،فى الحفاظ على مكانتها ، بات مرهون بمدى قدرتها على تبنى ثقافة الابداع داخل أركانها وجميع عملياتها التعليمية والادارية وحتى الانشطة الطلابية  .

    فى النهاية نؤكد أن توطين ثقافة الإبداع يتطلب من الجامعات نفسها استعادة ثقة مؤسسات الأعمال في قدرة " الجامعات" على المساهمة في تطوير أداء المؤسسات الاقتصادية وحل مشكلاتها التكنولوجية والإدارية والإنتاجية ، بدلا من اتجاه المؤسسات الصناعية والخدمية إلى استيراد التكنولوجيا الجاهزة من الخارج اذ  إنها سريعة العائد مضمونة النتائج، وعلى الجامعات أيضا لمبادرة لمد جسور التعاون مع مؤسسات الأعمال ، وليس العكس ، للتعريف بإمكانيات الجامعات وعناصر تميزها ومدى قدرتها على تطوير مخرجات مؤسسات الأعمال وحل مشكلاتها الفنية. 



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن