 الريادة في الأعمال من الصناعة للمجتمع (38) _الفساد يشل البلاد

  • §       كنت أظن.

    بقلم د. أحمد الحفناوى

    ما هو أكبر إفلاس حدث في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وما سببه؟ وما علاقته بعنواننا: الفساد يشل البلاد.

    "إنرون كانت إحدى كبريات شركات الطاقة الأمريكية أعلنت إفلاسها في كانون الأول/ديسمبر من سنة 2001 عقب إقرارها بممارسات محاسبية مريبة ويعد هذا الافلاس الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.".. منقول عن ويكبيديا. ولم يسمع عنها كثير مننا ولكن هذه الحقيقة نتج عنها أنه تم تغيير القوانين في الولايات المتحدة لتمنع تضارب المصالح وقد كان السبب أن المراجع القانوني للشركة يقوم بالإضافة لعمله كمراجع بتقديم استشارات للشركة ، وتقديمه للاستشارات كان فيه تعارض للمصالح فقد كان يهمه أن تكون الشركة مستمرة وتنمو وخسر المساهمون عشرات المليارات مما جعل الحكومة الأمريكية تصدر قرارا بأن يمتنع المراجع القانوني عن تقديم خدمات أخرى للشركات ونتج عن هذا أن كافة الشركات القانونية الكبرى اضطرت أن تفصل شركات المراجعة عن شركات الاستشارات. هذا ما حدث في الولايات المتحدة من 15 سنة.

    تعارض المصالح هو السبب الرئيسي لانتشار الفساد في البلاد وكلنا يعلم تأثيره السلبي على الاقتصاد المصري بل والمجتمع المصري. من غير المقبول مثلا أن أقوم باللعب في مباراة في كرة القدم وبها مليارات وأنا في نفس الوقت الحكم وأنا في نفس الوقت رئيس الاتحاد وأتوقع أن يقبل الأخرون من الشرفاء في اللعب في هذا الإطار بشكل شفاف وتنافسي ومقبول. حقيقة هذا ما نفعله في مصر في العديد من المجالات، وسأعطي مثالين هنا عن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. سبق وأن ذكرت أحدهما ولكن إن لم يتغير الوضع فلن أتوقف عن المطالبة به.  وهذا الأمر لا يتعلق بشخص محدد ولكن بمعيارية العمل ومنهجيته وبالتالي تأثيره.

    في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يتولى وزير الاتصالات رئاسة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وهو الذي يرخص بل ويراقب ويحكم بين الشركات العاملة في هذا القطاع وفي نفس الوقت هو يرأس الجمعية العمومية لإحدى هذه الشركات (المصرية للاتصالات) وهو من يوصي بتعيين رئيسها. إذن هو يراقب نفسه. هل هذا يعقل؟ هل تحدث إنرون يوميا ونحن لا ندري. والمثال الثاني هو الهيئة القومية للبريد والهيئة هي التي تصدر تراخيص للشركات العاملة في مجال البريد لكي تنافسها في هذا المجال. هل يعقل هذا؟ مرة أخرى هل هناك إنرون تحدث ونحن لا ندري.

    الحل ببساطة كما يحدث في أوروبا والدول المتقدمة أن يتم فصل الجهة المنظمة في كافة الخدمات ومنها الاتصالات والبريد وكافة الخدمات مثل الصحة والتعليم والإسكان وغيرها عن الجهة التنفيذية المقدمة للخدمة. في المملكة المتحدة هذه الجهات تتبع البرلمان مثل الجهاز المركزي للمحاسبات. بداية وجود مناخ صحي للاستثمار هو فصل المنظم عن المشغل عن واضع السياسات عن المفكر. أربع أعمال يجب أن تنفصل وبالذات عندما يتعلق الأمر بمئات المليارات التي في الواقع يتم إهدارها نتيجة تعارض المصالح والهيكلة المفسدة. هذا الأمر ليس شكليا ولكنه أمر هام وجوهرى وعاجل، ويأتي قبل أي عمل أخر ويوميا يزداد يقيني بهذا الأمر. اللهم بلغت اللهم فأشهد.

    [email protected]



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن