جفاف الأفكار

  •  

    بقلم :  إسلام محفوظ

     

    أحيانا كثيرة ما نسمع عن إنهيار وإفلاس بعض الشركات ،وبعض هذه الشركات يكون كبيراً بل بعضها يكون شركات عالمية ، والبعض الآخر تكون شركات صغيرة لا يتعدى رأسمالها العدة آلاف من الجنيهات ، والأغرب أن كثير من هذه الشركات تكون شركات لها تواجدها فى السوق وناجحة وتحقق معدلات جيدة من المبيعات والإيرادات فأدائها السوقى رائع وأدائها المالى جيد ، ولكن يحدث التراجع بعد فترة ثم الإنهيار والإفلاس والخروج من حلبة المنافسة فى الأسواق ،وهناك أسباب عديدة للإفلاس منها : الإفلاس والانهيار الناتج عن الاختلاسات والسرقات وسوء استخدام الأنظمة المحاسبية أو عدم إستخدامها أصلا وبالتالى تعرض الشركات لكوارث ضياع الكثير من الأموال والتى ما كانت لتضيع لو أن أصحاب الشركات وضعوا بأنفسهم أو عن طريق متخصصين نظما محاسبية وإدارية تضمن حسن سير العمل والرقابة عليه وحسن إستغلال الأموال والمحافظة عليها وتنميتها ، وهناك الإفلاس الناتج عن عدم التطوير وإنتاج منتجات جديدة تلبى الحاجات المتجددة والمتعددة للمستهلكين والعملاء فى حين أن الشركات المنافسة لا تتوقف عن تطوير منتجاتها وإنتاج أشياء جديدة على الدوام ، وهناك إفلاس ناتج فى الجانب التسويقى ، ففى الوقت الذى يبدع المنافسون فى جانب التسويق من خلال حملات إعلانية مميزة ومستمرة ،وتقديم عروض مميزة ،وإقامة مسابقات وعمل سحوبات وحفلات ترويج وغيرها من الوسائل والفنون التسويقية التى تشجع العملاء على شراء منتجات الشركة بل وطلب المزيد منها دوماً . أيضا من الأسباب التى تؤدى إلى الإفلاس إتخاذ قرارات إدارية خاطئة وغير مدرسة بعناية من قبل الإدارة مما يتسبب فى فشل وإنهيار الشركات وإفلاسها ، فقد تقرر الإدارة مثلاً التخلى عن بعض الموظفين المميزين توفيراً للنفقات أو لأنهم يطالبون ببعض المزايا مثل زيادة رواتبهم ، وقد ترى الإدارة أن هذه المبالغ المطلوبة مبالغ فيها وبدلا من التفاوض معهم للوصول إلى منطقة حلول مشتركة تحقق الحل الأمثل للطرفين يكون القرار بالإستغناء عن الموظفين دون وجود البدلاء الأكفاء الذين يحلون مكانهم مما يتسبب فى حدوث درجة من التخبط عمليات الشركة على المستوى الداخلى أو على صعيد التعامل مع العملاء ، وقد تتخذ الإدارة قراراً بالتوسع فى إنتاج منتج معين أو تسويق منتج معين دون دراسة وافية للقرار فإذا كان هذا التوسع نتيجة قروض وإلتزامات على الشركة ولم يحقق النتائج المرجوة هنا تتعرض الشركات لمشكلات إدارية ومالية نتيجة لعدم قدرتها على إدارة هذا التوسع وعدم تحقيق الإيرادات الكافية بالإضافة إلى زيادة الإلتزامات المطلوبة من الشركات من أقساط القروض وفوائدها فتدخل الشركة فى دائرة التعثر والذى يفضى بها إلى الإفلاس .

    هذه بعض أسباب إفلاس الشركات فهى إما أسباب مالية أو تسويقية أو بيعية أو إنتاجية ولكن إذا دققنا فى الأمر سنجد أن أغلب هذه الأسباب هى أسباب فكرية ترجع لجفاف الأفكار الجديدة والمبتكرة لدى الشركة سواء على مستوى الإدارة أو على مستوى العاملين بها ، فأى شركة حتى تستمر وتنمو تحتاج قبل إحتياجها لرأس مال كافى وقبل إحتياجها إلى لموقع متميز وقبل إحتياجها لآلات حديثة وعمال إنتاج مهرة ،تحتاج لإدارة وطاقم عمل قادر دوما على إنتاج وطرح أفكار جديدة وجريئة تساعد الشركة على مسايرة ما يحدث حولها والتعامل والتأقلم مع المتغيرات التى تموج بها دنيا المال والأعمال ، فعلى الإدارة الناجحة أن تسعى دوماً قبل إنتاج المنتجات إلى إنتاج الأفكار فى كل مجالات الشركة . إن الشركات التى تتعثر وتفشل رغم ما لديها من إمكانيات مادية ومالية وطاقم من الموظفين الأكفاء وحصة سوقية كبيرة وسمعة جيدة ، لا تتعثر بسبب ضعف الإمكانيات ، ولكن تتعثر بسبب قرارات خاطئة والقرار الخاطئ ما هو إلا فكرة خاطئة ، وبالتالى فالتعثر ناتج عن الأفكار السيئة أو عن عدم ضخ وطرح أفكار جديدة سواء إنتاجيا أو ماليا أو تسويقيا أو حتى إجتماعيا ، وتظل الشركة تعيش وتحيا على سمعتها ومركزها فى السوق ومالديها من إمكانيات مادية قوية حققتها فى الماضى ، ومن هنا يبدأ الثبات والتجمد ثم التعثر والفشل الذى يؤدى للإنهيار . إن الإنهيار والفشل هنا ليس راجعاً لضعف الإمكانيات ولكنه راجعأ لضعف الأفكار ، فالذى يعتمد على تاريخه فقط وماحققه من إنجازات فى الماضى ومالديه من إمكانات فى الحاضر ويظن أن هذا يكفيه للإستمرار والنمو هذه فكرة مميتة سوف تقضى على صاحبها سواء كان فرداً أو شركة ، فمن لا يتجدد يتجمد ويموت ، وقد شاهدنا فى الواقع الكثير من الشركات التى كانت على وشك الموت والإفلاس وعندما تولت إدارتها إدارة جديدة قادرة على طرح وبث أفكار جديدة إنتاجيا وتسويقيا وماليا وإجتماعيا دبت الحياة فى الشركة من جديد وعادت أقوى مما كانت عليه ، فالشركة هى هى ،نفس الاصول ونفس الإمكانيات ونفس المشكلات ، فما الذى تغير؟؟ إنها الأفكار الجديدة التى أعادت للشركة الحياة ، ورأينا بعض الشركات عندما تعثرت وأوشكت على الإنهيار جمعت موظفيها وكل العاملين بها وعرضت عليهم المشكلة وطلبت آرائهم وأفكارهم لحلها ، فكانت النتيجة مدهشة إذ قدم الموظفين أفكار رائعة كانت سبباً رئيساً فى خروج الشركة من أزمتها وتعثرها وعادت أقوى مما كانت.

    فعلى كل رائد عمل حتى تستمر شركتك وتنمو عليك دوما بضخ أفكار جديدة فى شركتك وعليك تشجيع موظفيك على التفكير وتقديم أفكار جديدة بإستمرار ، فالفكر حياة ، ومن لا يفكر لا يتجدد ومن لا يتجدد يتجمد ثم يموت .



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن