اللعب بالعقول في عصر المعلوماتية

  • بقلم : د. أشرف عطية

     

    إن حقيقة الحرية الإعلامية بالولايات المتحدة الأمريكية تبرز منهجية أجهزة الإعلام التي تسيطر عليها الشركات الاقتصادية الكبرى ومعظم هذه الشركات تسخر أجهزتها الإعلامية من أجل توجيه عقول الجماهير والزبائن لتحقيق مصالحها الخاصة حتى لو كانت ضد مصلحة الجماهير والمواطنين الشخصية والوطن .

    كما أن اللعب بعقول الجماهير حول العالم من خلال وسائل الاتصال المتعددة والإعلام من أجل السعي في كثير من الأحيان وراء الوعي المضلل والذي يخدر العقول حتى أنها تصل إلى حد الاستمتاع بالعذاب وهذا التضليل .

    وكثيرا ما تتطلب القرارات السياسية إلى حد كبير من تغييب العقول وذلك بسبب اعتراض الجماهير والمواطنين في حال إتاحة الاطلاع على الحقائق الأساسية لكثير من الاتفاقيات والمعاهدات والتي عادة ما تتم داخل الغرف المغلقة وفي سرية تامة .

    ومن هنا كان دور الإعلام في كثير من الدول والمنظمات الدولية بتوجيه العقول البشرية والسيطرة على اتجاهات التفكير والسلوك لصالح تلك الدول والمنظمات ، ونظرا الى ان العقل والتفكير البشري يوجه بوسائل معلوماتية مختلفة من خلال المحتوى الاعلامي الذي يتحكم فيه مسئولو الإعلام حول العالم ليحقق مصالحهم الخاصة . فالإنسان يساق ويوجه من داخله وليس من خارجه عندما يقتنع بفكرة ما . وعلى ذلك فإن كثيرا من الأنظمة والدول والمنظمات العالمية تعمل على اصطياد فرائسها من العقول لمصالحها دون اعتبار لمصالح هؤلاء الجماهير أو الدول أو المجتمعات التي يتم تنفيذ هذه الاساليب فيها .

    والملاحظ أن الحكومات لا تلجأ إلى مثل تلك الحيل إلا عندما يكون المجتمع قويا وتصعب السيطرة عليه ، أما إذا كان الشعب تمت السيطرة عليه فلا حاجة إلى بذل المجهود والإنفاق على حملات توجيه العقول .

    ومن الأهداف الأساسية لمعظم حكومات العالم الآن هي الوصول إلى حالة الاستقرار لتضمن استمرار الأنظمة الحاكمة وعادة ما يتم ذلك بواسطة الحملات الإعلامية الممنهجة للقضاء على الرغبة في التغيير داخل المجتمع والأفراد وبث الانهزامية النفسية ويتم التحكم في الوعي والإدراك للأمور بأسلوبين ، الأول : تقسيم الفكرة الكبيرة إلى أجزاء صغيرة والتكرار والتأكيد عليها لتبيت تلك الأفكار داخل العقول . والطريقة الثانية فهي عرقلة وإعاقة الفهم والإدراك من خلال عرض المعلومات التي تمت تجزئتها إلى جزيئيات صغيرة لا رابط بينهما .

    ويتعمد الاعلام لبعض الحكومات والدول في بعض الأحيان الظهور بالحيادية المزيفة والتي يتغنى بها من أجل إقناع وتوجيه العقول بما يبث وينشر من المحتوى الإعلامي سواء مقروءا او مرئيا ، كما يضاف إلى ذلك القضاء على الصراع الطبقي والذي يؤدي الى انقسام مجتمعي حول الحكومات وتهديد السلم الاجتماعي .

    وجدير بالذكر أن المعلومات في العالم اليوم هي الكنز الحقيقي الذي يلهث ويبحث عنه الجميع في عالم يرتكز على الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فمن لديه معلومات أكثر يستطيع فعل الاكثر ويخوض السباق للتفوق في جميع مناحي الحياة ومن هنا كان البحث والتطوير والابتكار والمعرفة لها أهمية كبرى وأولوية قصوى لكل دول العالم .

    وفي أحيان كثيرة تتعمد بعض الدول عدم الاعتراف بالشيء الواضح الذي يعرفه الجميع خاصة في ظل منابع وقنوات ومصادر المعلومات المتعددة سواء المصورة أو المسموعة أو المقروءة بل أحيانا يلجأون إلى الكذب والخداع اعتقادا منهم أنها صناعة مربحة خاصة مع الدور المهم للإعلام في عملية صناعة وتوجيه الرأي العام للجمهور .

    ومع دخول عالم الإنترنت والجيل الخامس وعصر البيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي ومكونات الثورة الصناعية الرابعة أصبحت المعرفة جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية ومن هنا فإن المعرفة والابتكار والإبداع هي محاور أساسية لكل الانشطة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية الان .

    كما أن صناعة الإعلام لم تكن بمعزل عن التطور التكنولوجي والثورة الصناعية الرابعة والتي أحدثت تغييرات جذرية في أساليب العملية الإعلامية وصناعتها مما جعلها تدخل في آفاق جديدة لم تكن ستحدث لولا التقدم التكنولوجي .

    ويجب على الإعلام المصري العريق والذي تواجد قبل كل وسائل الإعلام العربية ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا أن يلتفت إلى التطورات الهائلة والسريعة التي اتصفت بها صناعة الإعلام الآن في العملية الاعلامية بمحاكاة واستغلال هذا التطور بالمساهمة الفعالة لبناء هذا الوطن واستقراره من خلال تقديم محتوى إعلامي مهني جيد ومقنع وجاذب يتصف بالمصداقية والرقي والتميز ليرتفع بمستوى الفكر والإبداع والابتكار والعقول ومنهجية السلوك البشري الذي يليق بمصر وشعبها العظيم لمصلحة وطننا الغالي بما سيعود على مصرنا الحبيبة وشعبها بالخيرالوفير .

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن