مستقبل التجارة .. وخدمات "اشترى الآن وادفع لاحقا

  •        بقلم : فريد شوقي

    توقعت منظمة التجارة العالمية أن يتجاوز حجم التجارة الإلكترونية العالمية نحو  26 تريليون دولار بنهاية عام 2021 وهو ما يعني تضاعف قيمة التجارة الإلكترونية العالمية لعشرة أضعاف خلال السنوات العشرة الماضية وعلى المستوى الإقليمي شهدت التجارة الالكترونية نموا بمعدلات سريعة تجاوزت 30 % سنويا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، لاسيما مع زيادة قاعدة مستخدمي الإنترنت والهواتف الذكية ، ليس فقط من حيث التوسع والانتشار ولكن أيضا فى جودة المنتجات وتنوعها، فقد تحسن عدد كبير من المنتجات المباعة عبر منصات التجارة الالكترونية وأصبحت خيارات المنتجات الإلكترونية كثيرة ومتاحة أمام المستهلك لتجعل من هذا السوق سوق شامل خاصة ان بعض الدراسات المتخصصة تتوقع نمو حجم قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى  28.5 مليار دولار بحلول عام 2022 مقارنة.

    و تشير الدراسات المتخصصة ، لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ، إن الأسواق الإلكترونية ستمتلك أكثر من مليارى متسوق عبر الإنترنت فى جميع أنحاء العالم بحلول 2020، وان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعد واحدة من أسرع المناطق نموًا في التجارة الإلكترونية بنسبة نمو تبلغ 25٪، مع وجود حوالي 100 مليون مشتري رقمي في المنطقة العربية، وأن قيمة التجارة الإلكترونية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُقدر بحوالى 60 إلى 70 مليار دولار حاليًا، لتُقدر تجارة التجزئة الإلكترونية العربية بحوالى 30 و35 مليار دولار.

    وفى ظل هذا التطور الكبير لاسيما مع ضرب جائحة فيروس "كورونا "للأسواق العالمية وأدت الى إعطاء دفعة قوية جدا لآليات التجارة الإلكتروني فإنه من المتوقع ان تشهد آليات الدفع الالكتروني نموا ملحوظا خلال الفترة القادمة لمواكبة تزايد اعتماد كل المستخدمين للإنترنت على التجارة الإلكترونية .

    وفى هذا الاطار قامت شركة " سكوير" ، منصة المدفوعات الرقمية التي يقودها مؤسس توتير  جاك دورسي ،  بشراء شركة "أفترباي" الاسترالية للتمويل الاستهلاكي والتي تعمل بنموذج " اشتري الآن وادفع لاحقاً " مقابل 29 مليار دولار في أكبر عملية استحواذ لها على الإطلاق حيث ترى " سكوير"  أن مفهوم " الشراء الآن والدفع لاحقاً " يمثل فرصة للاستفادة من التحول بعيداً عن الائتمان التقليدي، خاصة بين المستهلكين الأصغر سناً.

    تتيح "أفترباي" للمستهلكين شراء البضائع والخدمات عن طريق الائتمان والدفع لاحقاً، باستخدام سلسلة من الأقساط ومن الشائع بشكل خاص بين المستهلكين الأصغر سناً – الذين ربما لا يمتلكون بطاقة ائتمان – شراء الملابس ومنتجات التجميل والأدوات المنزلية، حيث لا توجد رسوم أو فوائد على القرض طالما أن الأشخاص يدفعون في الوقت المحدد، وفقاً لموقع أفترباي الإلكتروني.

    وترى "سكوير" أن مفهوم الشراء الآن والدفع لاحقاً يمثل فرصة للاستفادة من التحول بعيداً عن الائتمان التقليدي، خاصة بين المستهلكين الأصغر سناً وهو ما اكدته أمريتا أهوجا، المديرة المالية لسكوير، خطتنا دمج شركة أفترباي في كل من تطبيقنا " Cash " للمستهلكين، ومنتج البائع للشركات الصغيرة موضحه ان مفهوم "الشراء الآن والدفع لاحقاً " مختلف تماماً عن نموذج الأعمال التقليدي لتمويل المستهلك”، واصفة أنه "بديل" عن الائتمان التقليدي الذى تقدمه المؤسسات المالية والبنكية

    ولعله المتابع لأنظمة الدفع فى تجارة التجزئة يدرك أن جميع " الهايبر ماركت " الكبيرة تفرض شروطها على جميع موردي المنتجات أن تتم عملية الدفع لهم خلال 3 شهور وهو ما يعنى جنى وإحتفاظ هذه " الهايبر ماركت " لعائدات مالية لبيع المنتجات لمدة 3 شهور ومن هنا جاءت فكرة " اشترى الان وادفع لاحقا " كأحد اهم اليات الدفع لتشجيع المستخدمين  .

    إذ تقوم هذه المنصات الإلكترونية الجديدة للتجارة وعلى رأسها "  أفترباي " بتقديم خدمات الشراء للكثير من المنتجات على ان يقوم المستخدمين بالسداد بعد 3 شهور وهو ما قد يشكل ضربه قوية او منافسة حقيقة للدور الاساسى للبنوك فى استخدام التمويل الائتمائي بفائدة مالية من اليوم الاول للشراء  .

    ومن المعلوم أن التحول الرقمى والشمول المالي هما جزء من رؤية الدولة ومحط اهتمامها ضمن خطة مصر للتنمية المستدامة الحالية، ووفق رؤية مصر 2030 فإنه من أجل اللحاق بالميكنة والرقمنة التى تخطو بخطى سريعة على مستوى العالم، فإنه على الحكومة أن ترى ضرورة تحجيم الاعتماد على التعاملات الورقية وتحفيز وتشجيع الاستفادة من مزايا وفوائد التجارة الالكترونية سواء بالنسبة للمستهلك النهائى او الموردين للسلع وكذلك شركات التجارة .

    كذلك من المهم الاشارة أن حجم التجارة الإلكترونية فى مصر مازال لا يتجاوز 2 % تقريباً من حجم التجارة الكلى ، مقازنة بنحو 84 % فى كوريا الجنوبية ، و 66 % فى اليابان ، و42 % فى امريكا ، و32 % فى بريطانيا ، و 29 % فى فرنسا ، و42 % في استراليا و23 % في إسبانيا ونحو  17 % فى الصين ومن ثمة فمازالت هناك فرص كبيرة ومتنوعة لتحقيق طفرة نوعية فى التجارة الالكترونية

    ايضا على كل المؤسسات التجارية ، كبيرة او متوسطة أو صغيرة ، أن تبدأ الآن فى تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي والجمع بين اساليب التجارة التقليدية والتجارة الالكترونية استعدادا للتحول المتوقع فى عمليات الشراء واعتماد المستهلكين على منصات وتطبيقات التجارة الالكترونية اذا كانت جادة فى الحافظ على مكانتها فى السوق والعمل على تنمية حجم أعمالها في ظل ما يعرف بالاقتصاد الرقمي وتوفير آلية رقمية وتجربة ابتكارية للتواصل مع عملائها.

    وأخيرا فإننا نؤكد ان التجارة الالكترونية هى مستقبل الاقتصاد العالمي وان المنافسة في السوق المصرية ليست بالسهلة على الإطلاق، فالمستهلك على قدر كبير من الوعي ويحتاج إلى جهد متواصل لتوفير توقعاته حيّال الجودة وسرعة التوصيل والأسعار المميزة بجانب تنظيم  وتقنين كل مراحل وخطوات عملية التجارة الإلكترونية.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن