مفاعل جديد يحول غاز ثاني أكسيد الكربون إلى وقود سائل نقي

  • طور العلماء مفاعل يحول غازات الدفيئة إلى وقود سائل نقي باستخدام طريقة فعالة وصديقة للبيئة اعتمادًا على محلل كهربائي يحصل عل طاقته من المصادر المتجددة.

     

    طور المهندس هاويشن وانج النموذج الأولي لهذا المفاعل التحفيزي في المختبرات الكيميائية والجزيئية الحيوية التابعة لجامعة رايس، وهو يستخدم غاز ثاني أكسيد الكربون كمادة وسيطة لينتج كميات عالية التركيز والنقاء من حمض النمل.

     

    وقال وانج «يتطلب حمض النمل الذي تنتجه أجهزة ثاني أكسيد الكربون التقليدية تنقيته بخطوات مكلفة ومستهلكة الطاقة، أما إنتاج حمض النمل النقي بهذا المفاعل فيقدم تقنية مبتكرة لتحويل ثاني أكسيد الكربون تصلح للتطبيق التجاري

     

    انضم وانج إلى جامعة رايس براون للهندسة في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، ويطور وفريقه تقنيات تحول الغازات الدفيئة إلى منتجات مفيدة، واستطاع مفاعله الكهربائي الجديد أن يخزن الطاقة الكهربائية المستهلكة بكفاءة تبلغ 42%، أي أنه يحول نحو نصف الطاقة الكهربائية المستخدمة إلى وقود سائل.

     

    قال وانج «يمثل حمض النمل وسيلة لنقل الطاقة، فهو وقود لخلايا إنتاج الكهرباء التي تصدر غاز ثاني أكسيد الكربون، والذي يعاد تدويره مرة أخرى باستخدام المحلل الكهربائي، ويعد هذا الحمض أساسيًا في صناعات الهندسة الكيميائية كمادة خام لتصنيع المواد الكيميائية الأخرى، أو كمادة تخزين للهيدروجين التي تحتفظ بكمية من الطاقة  أعلى بألف مرة من الكمية التي يختزنها الحجم ذاته من غاز الهدروجين الذي يصعب ضغطه، وهذه هي المشكلة الكبرى في السيارات التي تستخدم خلايا الوقود الهيدروجيني

     

    وأوضح تشوان تشيا المؤلف الرئيس للدراسة والباحث في جامعة رايس براون أن فتحين علميين ساهما في نجاح تطوير الجهاز؛ الأول تطوير محفز بزموت قوي ثنائي الأبعاد، والثاني تطوير محلول كهربائي في الحالة الصلبة، ما يلغي الحاجة إلى الملح كوسيط في التفاعل.

     

    وأضاف وانج «ذرة البزموت ثقيلة جدًا بالمقارنة مع المعادن الانتقالية مثل النحاس أو الحديد أو الكوبالت، ولها حركية أقل بكثير خاصة في ظروف التفاعل، ما يزيد استقرار المحفز، وتمنع بنية المفاعل وصول الماء إلى المحفز، ما يساعد أيضًا في حمايته

     

    يستطيع تشيا إنتاج كميات كبيرة من المواد النانومترية، وقال «تنتج المعامل في الوقت الحالي مواد محفزة بكميات صغيرة تصل إلى بضعة جرامات، لكننا طورنا طريقة قادرة على إنتاج هذه المواد بكميات كبيرة تصل إلى كيلوجرامات، ما سيسهل توسيع عملياتنا في المجال الصناعي

     

    يُغلف المحلول الكهربائي الصلب ذو الأساس البوليميري بروابط من حمض السلفون للارتباط بشحنات موجبة أو بمجموعات أمينية وظيفية للارتباط بشوارد سالبة، وقال وانج «يختزل المهندسون الكيميائيون عادة غاز ثاني أكسيد الكربون في محلول كهربائي تقليدي كالماء المالح، لأن الماء النقي غير ناقل للكهرباء، لذلك نحتاج إلى إضافة الأملاح مثل كلوريد الصوديوم أو بيكربونات البوتاسيوم حتى تستطيع الشوارد التحرك بحرية في الماء ويصبح بذلك ناقلًا للكهرباء

     

    وأضاف وانج «لكن الأمر مختلف بالنسبة لإنتاج حمض النمل، إذ سيمتزج الحمض مع الأملاح الموجودة في الماء، وسنحتاج إلى إزالتها في النهاية، ما يستهلك كثيرًا من الطاقة والتكلفة، لذلك قررنا استخدام الشوارد الصلبة التي ترتبط بالبروتونات، ويمكن تصنيعها من البوليمرات غير القابلة للذوبان أو المركبات غير العضوية، ما يلغي الحاجة إلى الأملاح

     

    يحدد معدل تدفق الماء إلى غرفة المنتج تركيز المحلول، ويتيح معدل الإنتاج البطيء مع البنية الحالية للمفاعل إنتاج محلول يبلغ وزن حمض النمل 30% منه، ويمكن التحكم بتركيز المحلول عن طريق زيادة معدل تدفق الماء، ويتوقع الباحثون أن ينتجوا تراكيز أعلى باستخدام مفاعلات الجيل التالي التي تسمح بتدفق الغاز عبرها لإخراج أبخرة حمض النمل النقي.

     

    يعمل مخبر جامعة رايس مع مختبر بروكهافن الوطني على تحليل التفاعلات الجارية، وقال إيلي ستافيتسكي المؤلف المشارك في دراسة وكبير العلماء في المختبر «يتيح التحليل الطيفي لامتصاص الأشعة السينية –وهو تقنية قوية متاحة في مختبر بروكهافن الوطني- فحص البنية الإلكترونية للمحفزات الكهربائية أثناء العمليات الكيميائية الحقيقة، وبذلك استطعنا متابعة عمليات أكسدة البزموت وتحديد الحالة الفعالة للمحفز أثناء عملية اختزال غاز ثاني أكسيد الكربون

     

    يستطيع المفاعل الحالي تركيب حمض النمل باستمرار لمدة 100 ساعة مع انحلال ضئيل لمكونات المفاعل، بما في ذلك المحفزات النانومترية، لذلك اقترح وانج إعادة تجهيز المفاعل لإنتاج مواد ذات قيمة عالية مثل حمض الخل أو الإيثانول أو البروبانول.

     

    قال وانج «النقطة الأهم في هذه العملية هي أن الحد من ثاني أكسيد الكربون مهم للغاية لتأثيره على ظاهرة الاحتباس الحراري وعلى عملية التخليق الكيميائي، فإن استطعنا توليد الكهرباء اعتمادًا على الطاقات المتجددة مثل طاقة الشمس أو الرياح، فبإمكاننا تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى شيء مهم دون زيادة انبعاثاته

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن