هل وصلتك رسالة كوفيد-19 ؟

  • بقلم :إيمان غريب

    مسؤولة العلاقات العامة في شركة «أفايا»

    تمكّنا خلال أزمة وباء كوفيد-19 من التأقلم بشكل سريع مع المستجدات، وغيّرنا من عاداتنا وأسلوب حياتنا وسلوكياتنا، حتى اننا انعزلنا في منازلنا لأشهر وهذا يحدث لأول مرة في تاريخنا الحديث. وكشف ذلك أننا عندما نقرر التغيير، فإننا نستطيع فعل ذلك وبسرعة.

     

     

    كما أننا بدّلنا في طريقة تعاملنا مع الآخرين، لبسنا الأقنعة الواقية واستخدمنا المنظّفات حتى على هواتفنا ومقود سيارتنا ومقبض باب منزلنا. وغيّرنا نموذج علاقاتنا مع كافة أقسام المجتمع تنّجبا لانتشار العدوى. كما أنه وخلال أسابيع قليلة نفّذت معظم بلدان العالم خططا تتيح التعليم والعمل عن بُعد، وانطلقت بتنفيذ استراتيجيات طوارئ لم يسبق لها أن نفّذتها. وتم استخدام التكنولوجيا بشكل لا سابق له للمحافظة على استمرارية الأعمال وإنشاء قنوات الاتصال بين المؤسسات التربوية والطلاب وبين الوكالات الحكومية والمواطنين وبين الشركات والموظفين. لقد تمكنا من إجراء تغييرات هائلة خلال أسابيع.

     

     

    والسؤال الذي يمكن أن نطرحه على أنفسنا اليوم، هو أنه إذا تمكنا من إجراء كل هذه التغييرات الكبيرة على حياتنا اليومية وبهذه السرعة غير المسبوقة، لماذا لا نستطيع أن نغيّر من طريقة تعاملنا مع الطبيعة حولنا ومع التحديات البيئية المتزايدة؟

     

     

    لقد شهدنا خلال انتشار كوفيد-19 كيف تأثّرت البيئة بشكل إيجابي حول العالم نتيجة الإغلاق العام، وكيف انخفضت مستويات التلوّث. لماذا لا نولي اليوم، بينما نعود إلى حياتنا الطبيعية، هذا الجانب الاهتمام المطلوب؟ بإمكاننا اليوم، وفي الوقت الذي لا تزال دروس كوفيد-19 حاضرة في أذهاننا وفي سلوكياتنا، أن نستمر بإجراء تعديلات على طريقة تصرّفاتنا وسلوكياتنا اليومية، لحماية البيئة حولنا والمحافظة على مواردنا الطبيعة بعيدا عن التلوّث. والأمر لا ينحصر فقط في هذا المجال، إذ بإمكاننا إجراء سلسلة من التغييرات السريعة البالغة الأهمية لحماية البيئة، وبهذا نكون قد استفدنا من أزمة كوفيد-19 بشكل إيجابي.

     

     

    ثمة مسؤولية هنا ملقاة على عاتق قطاع الأعمال، إذ أن الشركات تستطيع إطلاق مبادرات ناجحة، وبذل الجهود في هذا الإطار من ضمن نشاطاتها على صعيد المسؤولية الاجتماعية. ومن المفيد هنا، حثّ الشركات المحلية على دمج برامج المسؤولية الاجتماعية في صلب نشاطاتها، خصوصا وأن إداراتها تتمتع بوعي ملفت وتتحلى بأخلاقيات الأعمال في مختلف المجالات، ولديها مبادرات على قدر كبير من الأهمية.

    على سبيل المثال، نستطيع أن نواصل تطبيق سياسة الحد من السفر أو الانتقال غير الضروري. لقد أثبت كوفيد-19 أن التغيير هو مسألة قرار، لأننا نجحنا بتغيير الكثير من عاداتنا اليومية. وفي العالم العربي، نحن اليوم أمام فرصة لإجراء تغييرات جوهرية في حياتنا لحماية البيئة والطبيعة من حولنا.

     

     

    على سبيل المثال، إذا أخذنا مسألة استخدام البلاستيك، نرى أنه وفقا لأرقام أوردتها Ecomina.org فإن بلدان الشرق الأوسط مسؤولة عن 8% من إجمالي الإنتاج العالمي للبلاستيك. ومن المعروف أن دولا عديدة حول العالم أصدرت تشريعات للحد من استخدام البلاستيك، نظرا للتأثيرات السلبية الهائلة التي يتسبب بها على الصعيد البيئي. وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي، يشكل البلاستيك ما بين 12 و16 في المئة من النفايات الصلبة، وهو يحقق معدلات نمو مرتفعة بسبب زيادة استخدامه في الحياة اليومية.

     

     

    وتماما كما حدث مع كوفيد-19، مسألة الحد من استخدام البلاستيك تحتاج إلى قرار حاسم. ويكفي أن نعلم أن انتاج البلاستيك عالميا ارتفع من 1.7 مليون طن عام 1950 إلى 359 مليون طن عام 2018. وأنه بات يتهدد الحياة البرية وحياتنا، ويُسبب تلوثا من الصعوبة التعامل معه. ويكفي أن نعلم أن قنينة المياه البلاستيكية التي نستخدمها مرة واحدة فقط، تحتاج إلى نحو 450 سنة لتتحلّل في الطبيعة، وهي تسبّب تلوثا للمياه الجوفية والتربة والهواء وللأشجار والنباتات ولكامل المنظومة البيئية التي نعيش من خلالها. وتشير دراسات إلى أن البلاستيك يعدّ من بين المسببات الرئيسية لبعض أنواع السرطان التي تصيب الانسان. والأمر لا يتوقف عند التلوّث البيئي الناتج عن حرق الوقود المتعلق بالانتقال الجوي والبري أو باستخدام البلاستيك، إذ ثمة لائحة طويلة تشمل على سبيل المثال: انتاج الطاقة والمصانع وحرق الغابات واستخدام المبيدات السامة في الزراعة وغيرها.

     

     

    تخيّلوا معي لو خفّضنا 50 في المئة من مصادر التلوّث كيف سينعكس ذلك على الطبيعة، وعلى حياتنا وحياة أجيال المستقبل. يكفي أن نقوم بمبادرة واحدة كي نبدأ بصناعة الوعي الجماعي حيال هذا الملف الذي يُهدد البشرية. تخيّلوا لو توقفنا فقط عن استخدام كيس البلاستيك الذي نعتمد عليه لشراء الحاجيات. هذا الكيس يحتاج إلى ما لا يقل عن 20 عاما ليتحلّل في مكبات النفايات، ويتسبب بموجات من الأضرار التي لا حصر لها، واحدة منها هي التسبب بموت عدد متزايد من السلاحف البحرية، التي تختنق في أعالي البحار بأكياس البلاستيك.

     

     

     

     

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن